Friday, September 9, 2011

أمل وحيد 1



كانت أمل مستلقية بلامبالاه مفتعلة على تلك الاريكة السوداء في غرفة المعيشة بشقتها بارقى احياء الاسكندرية تسترجع تلك الاعوام الماضية من حياتها ... وبعيونها الزائغة اخذت تارة تتامل تلك اللوحة ذات الخلفية البيضاء المعلقة على الحائط و المحدده بذلك الاطار الاسود والتي طالما احبتها واحست الى حد بعيد انها تشببها بألوانها المتناقضة ... وتارة اخرى تسقط بنظرها الى سجاده مستديرة تتوسط الغرفة بما تحمله من نقوش تشبة جلد النمر بالابيض والاسود ... ثم تحول نظرها بطريقة فجائية الى احدى حوائط الغرفة الذي انعكس علية ظلال اباجورة صغيرة هي كل ما يضيء المكان ... فكرت ان ظلها الظاهر على الحائط هو ما تبقى من كيانها التائه في فضاء مجهول لا تعرف الى اين سيقودها او الى اي مدى ابعد سيأخذها في سماء الجنون المخيف



تملكتها حالة من الاكتئاب الذي سيطر عليها لاكثر من سبعة أيام استغلت بها الفرصة للحصول على رفاهية ان تشعر انها وحيده قادرة على ان تنزع عن مشاعرها قناع الصمود بعد سفر ابنها الى القاهرة ... فقد اصبحت مؤخراً من عشاق الوحده ... بعد ان اقتنعت ان على المرء ان يواجة الواقع ويعتاد عليه ... ولكن مع تبديل الاقنعة كل في حينه .. حتى ان الوحدة اصبحت رجاءها الوحيد من هذه الحياة ... اعتقاداً منها ان جدران الوحده كفيلة بان تحميها من غدر الايام واوجاع المستقبل


تسرب الى اذنها دوي صوت الاغاني الصادر من الحاسب الالي الخاص بها يتردد في ارجاء الغرفة بصوت اليسا الحالم الذي يذكرها بأيام طالما حلمت بها حتى انها كانت تتمنى ان لا تستيقظ ابداً من ثباتها ... ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه


اخذت اذنها تخونها من جديد حيث تداركت كلمات كانت دائماً ما تتردد في حديثها مع وحيد (على بالي حبيبي اغمرك ما أتركك اسرقك ما رجعك احبسك ما طلعك من قلبي ولا يوم ..) وعلى شفتيها ترتسم تلك الضحكة الساخرة التي اعتادت ان تعتلي وجهها كلما تذكرته ...

وحين رددت الاغنية (على بالي حبيبي ليلة الـ . البسلك الابيض وسير ملكك و الدني تشهد .. عبالي حبيبي ) اخذت تتساقط من عينيها دموع غزيرة تاثراً بتلك الكلمات التي طالما رددت كلمات تشبهها له دون ادراك منها ان اليسا سوف تقترض مشاعرها وتخرجها في صورة اغنية رقيقة يتغنى بها المحبين ... شعرت بغصة تحمل مذاق مرارة تتعملق داخل حلقها ... فتبتلعها مع سقوط دموعها الكاوية على وجنتيها
وفي تلك اللحظة قفزت الى تفكيرها تلك الجملة التي قرأتها في احدى الروايات
 (( للغواية حد  فإن عبرت : غرت أو طرت)) واخذت تتمعن في المعنى الحقيقي للمقولة ... فطالما كان استيعابها للمقولة ان الشعور بالغور شعور سيء اما النجاح في حالة الغواية هو الطيران للتحليق في افق اوسع وارحب للسعادة ... ولكن في اللحظة الراهنة اصبح التحليق هو التعلق في الهواء في انتظار اللحظة الحاسمة للسقوط ... اما كيفية السقوط فهو ما كانت تجهله وتحقق اخيراً على يد اكثر من احبت على وجه الارض

اخذت تدور بها الغرفة في تباطؤ تحول تدريجياً الى تسارع يزامن دقات قلبها إثر شدة بكائها الصامت الذي يتصاعد ضجيجه داخل اعماقها بعنف ... الى ان ساد الظلام مخيلتها

No comments: